الأربعاء، 20 يونيو 2012

اللحظة الفارقة


اللحظة الفارقة 



اللحظة الفارقة هى الفترة الزمنية التى تتميز فيها القرارات سواء على المستوى الشخصى او على المستوى الجماعى بانها قرارات مصيرية تؤثر بشكل ما على مستقبل الفرد او الجماعة صاحبة القرار
على هذا الاساس انظر الى حالتنا الراهنة بعد الانتخابات و كما قلت و قال الكثيرين غيرى اننا و بعد ثورة قامت بالاساس لتغيير شكل الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ماذلنا اسرى صراع على السلطة بين نفس الاطراف المتصارعة منذ امد بعيد
نظام قائم لم تسقط إلا واجهته فقط و بين جماعة تتخذ من الدين وسيلة للوصول الى السلطة و السيطرة الكاملة على مقدرات الشعب بحجة اصلاحها دينيا و استعادة امجاد الامة الاسلامية و التى انهارت لنفس السبب و هو السعى الى السلطة و صراعات الحكم
كلا الطرفين لا يعنونى بشىء حاليا فما يحدث ما هو إلا استمرار لحالة الصراع بينهما و الذى وصل الى ذروة جديدة غير مسبوقة بل انه قد يؤدى الى ماهو اخطر و ابشع و هو تحويل هذا الصراع من صراع سياسى الى صراع دموى يحرق الكل بخلاف ما قد ىؤدى اليه من تدخلات اقليمية و دولية لن ننجو منها فى الأجل القريب
ما يعنينى بالضرورة هو موقف الكتل الثورية و التى ولدت ممزقة و زادها هذا الصراع تمزيقا اذ هى الان بين مطرقة حكم شمولى عسكرى يريد استعادة سيطرته الكاملة على البلد و بين فصيل يدعى انتماؤه لثورة جائته على طبق من ذهب ليستغلها فى الوصول الى تحقيق حلم الثمانون عاما و الذى هو ايضا حكم شمولى و لكن بنكهة دينية
هذه القوى الان هى امام هذه اللحظة الفارقة و التى ستسهم قراراتها الى حد كبير فى اتجاهات هذا الصراع و التى بدورها ستحدد ماهية مستقبل مصر لاجيال قادمة لانها ستكون هى رمانة الميزان بين طرفين ظاهريا ليسو متكافئين و لكن كل منهم يستعمل كل ما لديه من اوراق للضغط على الطرف الاخر لتحقيق اكبر قدر من المكاسب
فالطرف الاول و هو المجلس العسكرى يمتلك قوة عسكرية جبارة و مهما تصورنا انه غير قادر على استعمالها ضد الشعب فانه عندما يرى انه اما ان يكون قاتل او مقتول فبالتأكيد سيكون قاتلا بخلاف الة اعلامية تعمل بكامل طاقتها لتسويق الشائعات و الاخبار المضللة بهدف التأثير فى مجريات الامور و ايضا لا يجب ان نغفل عن باقى القوى التى كانت تعمل لخدمة النظام الفاسد و الذى افسد كل شىء على مدار عقود حكمه
اما الطرف الثانى فهو ايضا يملك قوى شعبية هائلة و ان كانت لا تمثل إلا نسبة قليلة من الشعب المصرى إلا انها و بفضل التنظيم الحديدى الذى يحكمها تصبح اقوى من جيش مسلح بأمكانية تحريكها و حشدها و استغلالها اعلاميا بكثافة لتوجيه دفة الصراع ناحيته و ايضا لديه من القدرة المالية و الدعم الخارجى ما يعطيه الفرصة فى توجيه كتل شعبية اخرى خاصة الفقراء لصالح مشروعه السلطوى الى جانب قدرته على توجيه اذرعته الخارجية كحركة حماس و التى على غير المعتاد اطلقت امس فقط اكثر من اربعين قذيفة صاروخية و الدفع بعناصر مسلحة الى سيناء لمهاجمة اسرائيل من داخل الحدود المصرية لدفعها الى ارباك الطرف الاول بتحركات مثيرة على الحدود المصرية الاسرائيلية
بعد كل هذا يبقى موقف القوى الثورية و اعنى بها هنا هى القوى الرافضة لكلا الطرفين و التى يجب ان تتحرك سريعا لا لدعم ايا من الطرفين بل لترسيخ وجودها كقوى فاعلة و ليس مفعولا بها لانه فى حال انحيازها لأى من الطرفين لن تكون سوى الدابة التى يمتطيها للوصول الى غايته .
علي هذه القوى توحيد صفوفها و بعث قدراتها على رسم ملامح المستقبل الذى تريده و فرضه على الطرفين لا كخيار قبوله يعنى الدعم لأيهما بل كأمر واقع عليهما الرضوخ اليه و عدم تجاهله فى ظل الصراع الدائر بينهما و لابد لتحقيق ذلك من التوافق على قيادة موحدة لاعطائها امكانية التحرك و التحدث كممثلين عن هذه القوى
إن تواجد هذه القوى الان بجانب احد الطرفين لن يفيدها بقدر ما سيحمل لها من اضرار ستؤثر على مستقبلها فى حال تفوق احد هذه التيارات على الاخر او فى حال توافقهما على اقتسام السلطات فى هدنة مؤقتة لصراع عض الاصابع بينهما او كحل مؤقت للخروج من الأزمة الراهنة و هو ما اعتاد الطرفان عليه عند اشتداد الصراع بينهما. ليس هذا معناه ان نترك الميدان لهما يصارعان بعضهما على اشلاء مبادئنا بل يجب ان نتمسك بهذه المبادىء التى رفعت يوم 25 يناير اذ يجب الوقوف فى وجه المجلس العسكرى و رفض عبثه بالتشريعات حسبما يوافق هواه حتى و ان كان يوافق هوى اى قوى مدنية اخرى فهذا ليس حقه و على الجانب الآخر يجب الوقوف فى وجه الاخوان المسلمين و اعلانها صراحة انهم لم يفوزوا بمنصب الرئيس حبا و لا ثقة فيهم بقدر ما كانت السبيل الوحيد لمنع عودة اشباح الماضى البغيض و الضغط عليهم ليعترفوا بذلك علانية الى جانب اعترافهم بخطأ مسارهم من البداية منذ خدعوا الناس هم و بقية التيارات الاسلامية بقبول الاعلان الدستورى الاول
و اخيرا اتمنى ألا تفقد القوى الثورية بمختلف توجهاتها ثقتها بنفسها و لا بقوتها و قدرتها على تغيير الواقع بفرض قواعد جديدة و ارضية نقية يمكن بناء مجتمع جديد لمصر عليها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق